أليكسي فيودور لوسيف
هو واحد من أهم المفكرين والفلاسفة في روسيا في القرن العشرين، الفيلسوف الذي بحث في فلسفة الاسم والموسيقا والارقام البالغة الصغر، وفي الاسس الجدلية للرياضيات وفلسفة الاسطورة، فكان-كما قيل فيه بحق- صاحب العقل الموسوعي، وافلاطون القرن العشرين، وُلد في 23 سبتمبر 1893 وتوفي في 24 مايو 1988.
فلسفة الاسطورة |
أليكسي لوسيف كان شخصية متعددة التخصصات، حيث جمع بين الفلسفة، وعلم اللغة، والدين، والأنثروبولوجيا الثقافية. يعتبر لوسيف من أبرز ممثلي الفلسفة المثالية الروسية في القرن العشرين، وكان له تأثير كبير في تطوير الفكر الفلسفي والديني في روسيا السوفيتية، رغم أنه عاش في فترة كان فيها الفلسفة الدينية والفكر الغربي محظورًا من قبل النظام السوفيتي.
- الفلسفة الدينية:
- كان لوسيف مؤمنًا بوجود العلاقة العميقة بين الفلسفة والدين. لقد دافع عن الفكرة القائلة بأن الفلسفة يجب أن تكون مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالدين المسيحي الأرثوذكسي. وقد كان من المفكرين الذين انتقدوا الإلحاد السوفيتي ورفضوا التفوق التام للمادية.
- كان لوسيف جزءًا من الحركة الفلسفية الروسية المعروفة بـ الفلسفة الأرثوذكسية، التي سعت للحفاظ على الروح الدينية والثقافية في وجه تأثيرات الشيوعية والمادية.
- علم اللغة:
- لوسيف كان أيضًا متخصصًا في اللغويات وعُرف بتطويره لنظريات متعمقة في مجال اللسانيات. كان يعتقد أن اللغة هي عنصر أساسي في تشكيل الثقافة والوعي الاجتماعي.
- وقد عمل على دراسة المعنى الرمزي في اللغة وتفسير كيفية تأثير اللغة على تفكير الإنسان وفهمه للعالم.
الثقافة والعلم الاجتماعي:
تأثيره وإرثه
رغم الصعوبات التي واجهها لوسيف بسبب قمع النظام السوفيتي، الذي كان يعارض بشكل عام التفكير الفلسفي الديني وغير المادي، فقد استطاع أن يظل شخصية مؤثرة في الفكر الروسي. اليوم، يُعتبر لوسيف أحد كبار المفكرين الذين ساهموا في الحفاظ على الفكر الفلسفي الروسي العميق في مواجهة التحديات السياسية والفكرية.
إرثه لا يزال موجودًا في الفلسفة الدينية، وعلم اللغة، وفي دراسة الثقافة الروسية بشكل عام، حيث يستمر العديد من المفكرين في دراسة أعماله والرجوع إليها لفهم تطور الفكر الروسي في القرن العشرين.
سنتناول في هذا المقال ملخصًا لكتابه فلسفة الاسطورة ترجمهُ للغة العربية الدكتور منذر حلوم، علمًا إنه سنركز على فصول الكتاب الاولى المختصة في مقارنة الاسطورة مع البدعة والوهم والخيال، ثم البحث في علاقة الاسطورة بالوجود المثالي، وأخيرًا نقارن بين الاسطورة والعلم، تاركين لكم الاطلاع على بقية مادة الكتاب.
فلسفة الاسطورة
تهدف هذه الدراسة الى البحث عن معنى الاسطورة بالاستناد الى المادة التي يقدمها الوعي الاسطوري، وما يجب فعله بادئ ذي بدء هو الإلقاء جانبًا بوجهات النظر التوضيحية الميتافيزيقية والسيكولوجية وغيرها كلها .
كما يجب الحرص على تناول الاسطورة كأسطورة من دون تحويلها إلى ما لا تكون بذاتها .
الاسطورة والبدعة والوهم والخيال
"الاسطورة ليست بدعة أو وهمًا أو نتاج خيال"
- الأسطورة ليست خيالًا أو اختلاقًا:
أليكسي لوسيف كان شخصية متعددة التخصصات، حيث جمع بين الفلسفة، وعلم اللغة، والدين، والأنثروبولوجيا الثقافية.النظرة الأسطورية للواقع:
بالنسبة للوعي الأسطوري، الأسطورة هي الواقع الأكثر وضوحًا وملموسية. هي ليست مجرد خيال، بل هي رؤية ضرورية لفهم الحياة والوجود. الأسطورة تقدم مقولات ضرورية للتفكير البشري، وهي جزء لا يتجزأ من كيفية فهمنا للعالم.
- العلم والميثولوجيا:
في العصور الحديثة، العلم لم يكن دائمًا ملتزمًا بالواقعية كما كانت الأسطورة بالنسبة للوعي الأسطوري. مثلاً، يُظهر كانط كيف أن العلم لا يعكس الواقع كما هو، بل يعتمد على مقولات ذاتية تشكّل إدراكنا له، مثل الزمان والمكان. لذا، في حين يبدو العلم "موضوعيًا"، فإنه في جوهره يعتمد على شروط معرفية ذاتية.
- الأسطورة كجزء حيوي من الإدراك البشري:
خلاصة:
الأسطورة عند لوسيف هي طريقة ضرورية لفهم الواقع الذي يعجز العلم عن تقديمه في بعض الأحيان، وذلك لأنها تحمل معانٍ ميتافيزيقية ودينية عميقة، وهي جزء من الوعي الجمعي الذي ينظم إدراكنا للوجود.
الاسطورة والوجود المثالي
"الاسطورة ليست وجودًا مثاليًا"
- الأسطورة والوجود المثالي
- معنى الأشياء والأسطورة
- رفض تجريد الأسطورة
- مثاليات الحياة اليومية والأسطورة
- القصة الرمزية للراهب
- الأسطورة كحياة حقيقية
- الخلاصة
الاسطورة والعلم
"الأسطورة ليست بنية علمية ولا علمية بدائية"
اليكس لوسيف يعالج العلاقة المعقدة بين الأسطورة والعلم البدائي، ويحاول تفنيد التصورات التي تعتبر أن الأسطورة تمثل شكلاً بدائيًا للعلم. يركز على الاختلافات الجوهرية بين الأسطورة كنتاج انفعالي وعاطفي، والعلم كنتاج عقلي ومنطقي
- الأسطورة ليست علمًا بدائيًا:
هناك اعتقاد شائع بأن الميثولوجيا (الأسطورة) تمثل بداية العلم في الحضارات القديمة. هذا التصور خاطئ لأن الأسطورة ليست نتاجًا علميًا أو عقلانيًا بل هي تعبير عاطفي وانفعالي عن العالم.
اليكسي يرفض التصور السائد الذي تبناه علماء مثل كونت، سبنسر، وتايلور، والذي ينظر إلى الأسطورة على أنها محاولة بدائية لتفسير الظواهر الطبيعية، شبيهة بالعلم الحديث ولكن أقل تطوراً.
هذا التصور يعتبر الأسطورة نتاجاً لفكر "علمي" بدائي يعتمد على التجريد العقلي، لكن اليكسي يرى أن هذا يُشوه الطبيعة الحقيقية للأسطورة.
- اختلاف طبيعة الأسطورة والعلم:
العلم يتطلب أدوات عقلية مثل:
- الملاحظة.
- التذكر.
- التحليل والتركيب.
- التجريد للوصول إلى قوانين عامة.
أما الأسطورة فهي تعبير عاطفي وحيوي يعتمد على الرموز والمشاعر والتصورات الخيالية.
- الأسطورة لا يمكن أن تكون علمًا، حتى بدائيًا:
- السؤال عن "العلم البدائي":
إذا كان العلم البدائي علمًا حقًا، فهو لا يمكن أن يكون أسطورة.
إذا كانت الأسطورة ليست علمًا، فكيف يمكن أن تُعتبر أساسًا للعلم البدائي؟
هذا التناقض يظهر أن العلم والأسطورة لهما طبيعتان مختلفتان تمامًا.
- الأسطورة كعالم انفعالي:
- الاستنتاج:
إذا كان العلم البدائي يتمتع بخصائص عقلانية تجعله يتطور بمرور الوقت، فإن هذا يميزه عن الأسطورة، التي تظل دائمًا في إطارها الرمزي والانفعالي.
تاريخ العلم ليس تاريخ الأسطورة، بل تاريخ تطور التفكير العقلاني
الإجابة عن السؤال المحوري: هل الأسطورة علم؟
لا، الأسطورة ليست علمًا، لا بدائيًا ولا متطورًا. الأسطورة هي شكل من أشكال التعبير الإنساني عن الحياة والكون، ولكنها تفتقد الخصائص العقلانية والمنهجية التي تميز العلم .
الميثولوجيا تتسم بكونها عفوية ومباشرة، فهي تعبر عن الحياة بطريقة تركيبية من خلال شخصيات حية وأحداث مليئة بالعاطفة والانفعالات. الأسطورة تجعل كل شيء ملموسًا ومشبعًا بالحميمية، وتبني تصورًا عن العالم يعتمد على الخيال والانطباعات الذاتية. إنها صورة عن الحياة تلونها المشاعر والانفعالات بطريقة تجعلها قريبة من النفس البشرية.
أما العلم، في المقابل، فيختلف تمامًا. العلم ذو طبيعة استنتاجية ومنطقية. فهو ليس عفويًا أو مباشرًا مثل الأسطورة، بل يتطلب مجهودًا كبيرًا لفهمه، من خلال التعلم والخبرة التجريبية.