باروخ سبينوزا, الفيلسوف الي كتبوا على قبره هنا يرقد سبينوزا أبصقوا عليه,
أحد أهم الفلاسفة على مر التاريخ, من فلاسفة القرن السابع عشر, ولد في 24
نوفمبر من العام 1632 في أمستردام .
سبينوزا |
يعود الى عائلة من أصول يهودية برتغالية الجنسية, وصفه نشتاين ذات مرة بأنه الرجل الشريف الشجاع, وسألوا أنشتاين ذات مرة, هل تؤمن بالله ؟ قال لهم أنشتاين أؤمن بآله سبينوزا, فمن هو آله سبينوزا هذا .
تأثر به الكثير من الفلاسفة, من أشهرهم فرويد الذي أستلهم من سبينوزا الكثير من أفكاره, بألاخص موضوع الانفعالات النفسية .
ومن المتأثرين به أيضًا الفيلسوف الالماني هيغل, الذي يقول بحقه, على الفيلسوف أما أن يكون سبينوزيًا أو لا يكون فيلسوف على الاطلاق .
في بداية حياتهِ كان متوافقًا مع فلسفة ديكارت عن ثنائية وأنفصال العقل والجسد, لكن تغيرت قناعاتهِ فيما بعد, حيث غير رأيه وأعتبرهما كيان واحد غير منفصل .
لم يترك لنا سبينوزا كثير من المؤلفات كما ذكرنا أعلاه, فهي أربعة كتب فقط, وبألنسبة للجانب الديني لسبينوزا, فأن أفكاره المهمة والرئيسية عن الدين والعقائد, نجدها فقط في كتاب رسالة في اللاهوت والسياسة .
كتبسيط لفلسفة الله عند سبينوزا سنضرب مثلاً لتبسيط معناها ثم بعد ذلك نفصل أكثر, تصور إن هناك شجرة, فعندما أسألك ما هذا الشي الذي أمامك ؟ سيكون جوابك هو شجرة, وعندما أسألك ممن تتكون هذه الشجرة, حتمًا ستقول جذورها, أغصانها, فروعها, أوراقها, ثمرها...
السؤال ألان ماهو الفرق بين ألاثنين, أي بين أن تقول شجرة وبين أن تعدد مكوناتها, فهل يوجد فرق بين الشجرة وبين مجموع مكوناتها ؟
لا يوجد فرق سوى أن كل جزء من أجزاء الشجرة, يمثل جزء منفصل من الشجرة, وعند أجتماع هذه الاجزاء معًا تكون بمجموعها الشجرة, وهذا يعني أيضًأ إنه لا وجود للشجرة بدون أجزائها .
بألقياس مع هذا المثل نحاول أن نقرب تصور الله عند سبينوزا, سبينوزا يقول لا يوجد شي أسمهُ الله متشخص في الخارج, وما يوجود هو مجموع الموجودات التي بأجمعها يطلق عليها الله .
أذا ماهو الله عند سبينوزا, هو مجموع أجزاء هذا العالم, كما أن الشجرة هي مجموع أجزاءها, فهذه النظرية لا تومن بالتشخصن ل الله, حيث تقول أن الله هو هذا المجموع, ولا وجود شخصي ل الاله .
اي لا يوجد وراء هذا المجموع شي حتى نقول أنه هو الله, بل المجموع نفسه هو الله, والله هو مجموع هذه الاجزاء, بألتالي أن سبينوزا لا يؤمن بالاله المتشخصن .
لفظ الله عند سبينوزا لا يعني شي متشخص في الخارج يقع وراء الموجودات, إنما الموجودات نفسها هي الله, هذه هي نظرية سبينوزا في وحدة الوجود, وهذا التفسير هو المراد لنظرية وحدة الوجود عند سبينوزا .
يذهب سبينوزا الى أن في الكون حقيقة واحدة يسميها جوهرًا, ولا يعني بهذه الكلمة مدلولها المباشر الذي يفهم منه, وهو مادة الشي أو عنصره, كقولنا مثلًا إن الخشب مادة هذا القلم .
ولكنه يقصد الحقيقة الكائنة وراء الاشياء, و أما هذه الاشياء التي تقع تحت الحس فأغراض زائلة فانية, فأنت وجسدك وعشيرتك ونوعك الانساني وأرضك التي تعيش عليها الان, إن هي إلا أغراض زائلة, قد يزول الشي ويفنى, ولكن الحقيقة التي تتمثل فيه باقية لا تخضع لزوال فناء .
فعند سبينوزا, الله هو الطبيعة والطبيعة هي الله, بالتالي أن كلمة الله تعني نفس كلمة الطبيعة .
للطبيعة أو الكون مظهرين فهي فعالة منشئة خالقة من ناحية, وهي مفتعلة مخلوقة من ناحية أخرى, فأما هذا الجانب المنفعل هو الدنيا وما تحتوي من غابات وهواء... الخ من صور حسية لا تقع تحت الحصر , وهذه الطبيعة كلها هي من أنتاج الجانب الفعال وخلقه .
أذن ففي الكون قوة تخلق يسميها سبينوزا جوهرًا, وهي الله بعبارة أخرى, وفيها أشياء مخلوقة هي الاعراض أو العالم .
فمن هو أله أسبينوزا عندما يسألك أحد ؟ سيكون الجواب هو مجموع أجزاء هذا العالم, لا الاله المتشخص الموجود فيما وراء العالم .
الله جوهر قديم لا متناهي له صفتي الفكر و الامتداد, هو فكر من حيث هو أمتداد, وهو أمتداد من حيث هو فكر .لا تثنية في هذا الجوهر فأمتداده عين فكره, وفكره عين أمتداده .
بسبب أختلاف الرؤية لمفهوم الاله بين سبينوزا و الاديان( اليهودية والمسيحية ), كلف ذلك بغض وتحامل رجال الدين عليه, بل وصل الامر الى حد تكفيره وأهدار دمه .
وكاد أن يكلفه الامر حياتهَ, حين هاجمه أحد اليهود ليتقرب بدمهَ الى
الله, حيث طعنه في رقبتهِ بالسكين .
كل هذا جعل من فيلسوفنا الشاب, يمقت رجال الدين مقت شديد, وهاجمهم بالفكر والقلم أكثر من مرة, حيث يصف سبينوزا رجال الدين, بأنهم الجدار أو الحاجز الذي يحول الناس من أستخدام عقولهم .
يذكر سبينوزا أن السبب الرئيسي الذي دفعه لتأليف كتاب رسالة في الدين والسياسة, هو لتخليص عامة الناس من سلطة رجال الدين على عقولهم وأفكارهم .
ويذكر سبينوزا أن السبب الثاني الذي دفعه لتأليف هذا الكتاب, هو إتهام الناس له بالالحاد, أما السبب الاخير كما يذكر سبينوزا, هو حرية الرأي والتفلسف التي أريد بها أن أدافع بكل الوسائل من أجل الحد من رجال الدين وطبيعتهم العدوانية .
حيث كانت تهمة الالحاد تطارد سبينوزا طوال حياتهِ وحتى بعد وفاته, ولم يتخلص منها إلا في القرن التاسع عشر, القرن ذو النزعة الرومانتيكية, حيث تغير الحكم على سبينوزا بشكل مناقض تمامًا .
يصف نوفالس سبينوزا بأنه "منتشٍ بالله", أما هيغل ردًا على من يقول أن هوية الله في فلسفة سبينوزا مع الطبيعة تلغي فكرة الله, يقول بل أن هوية الله عند سبينوزا مع الطبيعة تثبت الهوية وتلغي الطبيعة لا العكس .
لذا يقترح هيغل بدلًا من أطلاق لفظ اللا إلهية على مذهب سبينوزا, يقترح تسميتهِ باللاكونية, حيث تلغي هوية الله الطبيعة كما ذكرنا .